إحنا التلاتة..نرسم ولا نتجمل!

 

فيس بوك 24/5/2023

عندما تتلاقى إشعاعات المواهب الصادقة مع دفء المشاعر الإنسانية، وتمتزج بطموح لتحقيق الذات، وبإبداع ينبع من الروح ليخاطب الروح ، ببساطة النفوس المتشوقة للمعرفة والاكتشاف والمتقبلة للنقد بشغف وبلا ادعاء كاذب بامتلاك الحقيقة، عندئذ تصبح النتيجة معرضا مثل هذا الذى زرته بقاعة آرت كورنر بالزمالك تحت عنوان “إحنا التلاتة” لثلاث فنانات فى بدايات الطريق، جمعت بينهن تلك الصفات المذكورة بجانب الصداقة والروح الرفاقية الصافية، هن أروى جمعة وغادة بشير وإنجى محمود.
تختلف بينهن الأساليب والأمزجة، لكن ما يجمعهن ، رغم الاختلاف ، قوة التعبير إلى حد الضراوة أحيانا، وبكارة الإحساس الطازج باللون بمسحة عاطفية وفطرة أنثوية، كما يجمعهن التحرر من الوقوع فى أسر الأنماط الأكاديمية أو الأساليب الجاهزة والمستعارة، ويتمثل ذلك فى تعدد الأساليب فى أعمال كل منهن، وبحسب ما قالته لى إحداهن فقد أتت كل واحدة بما تواجد أمامها فى البيت من لوحات ، أى أنهن لاتتجملن بما تحسبنه “أشيك” فساتينهن ، بل تكشفن عن مخزون مواهبهن (بِعَبَلِه)، وما مرت به كل منهن من تطور ، رغبة فى اكتشاف أنفسهن فى عيون المشاهدين ومعرفة نواحى القوة والضعف لديهن بكل تواضع ،رغم ما قدمنه من تجارب.
والحق أن مناطق القوة لديهن أكثر من مناطق الضعف، علما بأن واحدة فقط من بينهن – وهى إنجى محمود – هى من درست الفن بكلية الفنون الجميلة، فيما درست أروى العمارة وتمارسها كمهندسة معمارية، أما غادة فعلمت نفسها بنفسها مع قليل من التدريبات فى مراسم خاصة تختص بالمبادئ الأكاديمية.
لكن لوحات غادة الأخيرة تعج بأسلوب أقرب إلى المدرسة الوحشيةفى رسم مناظر الطبيعة بضراوة تعبيرها ونصاعة ألوانها وتَجسٌُد عناصرها فى كتل ومساحات لونية متماسكة ذات بعدين اثنين، ونراها تتقابل وتتصادم وتتحاور بعيدا عن المنظور الهندسى ذى الثلاثة أبعاد، ولكنها فى لوحات أخرى تتخذ مسارا مختلفا، وهو التجريد التعبيرى بمساحات لونية هادئة بالنسبة لألوان المناظر الحوشية، فتحدث بالتالى حالة مغايرة لتلك اللوحات، حالة من التوازن والانسجام بين الكتل والخطوط رغم تقشفها اللونى واقتصارها على اللونين البنى والبيج بدرجاتهما فى البعض ، وعلى الأزرق والأسود وقليل من الأحمر فى البعض الآخر.
أعمال أروى جمعة تضم عددا من الأساليب الفنية، وكل منها واعد بتحقيق بصمة متميزة فى المستقبل رغم ما بينها من اختلاف ومن ضرورة لبلورة اسلوب واحد لنفسها فى النهاية، فهناك مجموعة تعج بالمشخصات بأسلوب تعبيرى قوى الألوان والخطوط، وهناك مجموعة تزدحم بالزهور ناصعة الألوان مزدحمة التكوين بالورود واللمسات المباشرة، وهناك مجموعة ثالثة منفذة بأسلوب الكولاج (قص ولصق الأوراق) لتكوينات معمارية او مشاهد من الطبيعة بحس روحانى هامس وباعث على التأمل، لكن يجمع بين هذه الأساليب تفرد اللمسة والبناء ، نائية عن محاكاة ما اشتُهِر من أساليب فى مثل هذه الأغراض.
أما لوحات إنجى محمود ، فبعضها يعكس خبرات أكاديمية متمكنة فى رسم البورتريه والمناظر الطبيعية فى الأحياء القديمة كحى الغورية، تتميز بكثافة الطبقات اللونية وثراء الملمس وإضفاء حس القِدم والعراقة التاريخية، وبعضها يشف عن نزعة تعبيرية عنيفة، إما من خلال بعض المناظر للبيوت والشوارع فى الأحياء الشعبية بخطوط سوداء غليظة، أو عبر تحليل لتضاريس الجسد العارى بحس سريالى، او عبر فتاة تعزف على البيانو فى صورة شبحية أقرب إلى أن تكون “سلويت” عكس الضوء، بخطوط منحنية رشيقة قد تذكرنا بحالمات الفنان الراحل حامد ندا.
هكذا نجد منابع الإبداع فى مصر لا تنضب ولا تكف عن الفيض بالجديد لإثراء حياتنا الفنية، فى تنوع جمالى يتجاوز القوالب المحفوظة والتعاليم الأكاديمية الجامدة، كما ينأى عن التبعية العمياء للمدارس الغربية ، سعيا نحو تحقيق ملامح خاصة للهوية المصرية.
الفنانة اروى جمعه
قد يكون فنًاال
الفنانة غادة بشير
قد يكون فنًا
الفنانة انجى محمود
مقالات اخري

دييغو ريفيرا (1886 – 1957)

   هذا الفنان بتكوينه الجسدى الكاريكاتيرى والمثير للسخرية..كان ساحر قلب حبيبته الفنانة الرقيقة فريدا كالهو التى لم يخلص لها قط رغم زواجه بها مرتين من

اقرأ المزيد »

يقولون إن العالم يحتاج إلى ثورة تقودها إمرأة.. جيد..لنحاول إذًا في ثورة صغيرة تمزيق الشر ونثره على الطرقات يتسول الخير من أربابه لعله ينجو.. لننثر

اقرأ المزيد »