فيس بوك 7/5/2023
بعد ٢٦ عاما على آخر يوم لى بالسجون لثالث مرة ، كنت صباح أمس (٦ مايو ٢٠٢٣)،أقف قاب قوسين او ادنى من السجن، وأنا ماثل أمام منصة محكمة الاستئناف التى يعتليها ثلاثة قضاة ملثمين لاحتياطات صحية، انتظر القرار إما بتأييد الحكم بحبسى لمدة شهر، وهو الذى صدر ضدى فى مارس الماضى بالمحكمة الابتدائية، وقبله بحوالى أربعة أشهر حين ساقنى حظى العاثر لأكون أمام حادثة مرور لا علاقة لى بها على الإطلاق ، وإما تأييد الحكم بالسجن .. فحملت حقيبة لوازمى المعيشية وأدويتى وكتبى، تحسبا للحظة أجد نفسى فيها مأخوذا من أمام باب المحكمة مباشرة إلى باب السجن، فقد اهتزت أمامى صورة العدالة بعد صدور الحكم الأول دون أن يُلتفَت الى وقائع الحادثة أو يُنظَر مجرد النظر فى اوراقى التى تثبت عدم وجود أدنى دليل على مسؤوليتى، كما تثبت أننى الذى أبلغت الشرطة عن الحادث ، فكتمت حزنى فى صمت طوال ستة أشهر، بلا شكوى او حتى إعلان عن بلواى، ومع ذلك لم أتوقف يوما عن العمل، لأنه كان ملاذى ومُنقِذى من الحزن والإحباط، ولم يلاحظ أحد ما ألمٌَ بى إلا أقرب المقربين.
خمس ساعات من الانتظار وكأنها دهر، بغير شعور بالاعتزاز أو القناعة بقضيتى مثل المرات السابقة، كونى كنت آنذاك معتقلا لاسباب وطنية وسياسية أتشرف بها ، مرت الدقائق والساعات بطيئة فى انتظار كلمة رئيس المحكمة الذى استمع إلى مرافعة المحامى المرافق لى وإلى كلمتى بسعة صدر، وبملامح محايدة لا تنم عن أى تعبير ، خاصة وهو يضع الكمامة عل نصف وجهه الأسفل. لكنى بشعور باطنى شعرت بالاطمئنان إلى أنه تفهم موقفى.
وأخيرا صدر القرار بإلغاء الحكم السابق بالحبس، فشعرت بأننى طائر فُتح له باب القفص فحلق بعيدا عبر الآفاق، وحمدت الله واستعدت الثقة فى العدالة وفى نزاهتها مهما كلفنى تحقيقها من تضحيات وآلام.
فهل يكون ذلك نهاية لفصول الدراما العبثية التى عشتها منذ السبعينيات حتى الآن، أم أن القدر لا يزال يخبئ لى فصولا جديدة من اللامعقول؟!