نساء القاهرة/دبى..أدب ما بعد نجيب محفوظ

فيس بوك 25 أبريل 2023

 

فى أجازة العيد استمتعت بقراءة الرواية الملحمية “نساء القاهرة /دبى”، للروائى المتألق ناصر عراق ، وأصفها بالملحمية ليس فقط لأنها تقع فى ٦٧٠ صفحة، بل كذلك لأنها رواية أجيال ممتدة ومسارح متعددة للأحداث، وأرى فيها نفسا روائيا من نجيب محفوظ، سواء فى اللغة الكلاسيكية المتمكنة أو فى تعدد الأجيال او فى الوصف الدقيق للاماكن الشعبية (وركز هو على حى شبرا تحديدا)، أو فى التحليل العميق لنفوس شخصياته وخلجات مشاعرهم الدقيقة، أو فى المزج بين القضايا الاجتماعية والأحداث الوطنية والصراعات التحتية وراء هذا وذاك ، لكنه يختلف عنه فى سرعة إيقاع الأحداث وتقطيعها تقطيعا أقرب إلى المونتاج السينمائى المتزامن للحدث حينا والمتباعد زمانيا ومكانيا حينا آخر ، وكذلك فى لجوئه أحيانا إلى استباق الأحداث بإيماءات خاطفة يخبر فيها القارئ بما سيكون من وقائع قبل وقوعها كنوع من إثارة التشويق لديه، وفوق ذلك فالمؤلف يدلف إلى مناطق ملغومة بجرأة يحسد عليها، مثل النسيج الاجتماعى المتداخل بين المسلمين والأقباط واقتحام الإرهاب الدينى له لإفساده وإثارة الفتنة الطائفية بدون طائل ، ومثل نشوء علاقات عاطفية مزلزلة بين مسلم ومسيحية ، ومثل التعرض للمواقف الجنسية وتأثيرها المتوتر بين الغريزة والعلاقات الإنسانية العميقة، وأخيرا فهو يتنقل بالأحداث من خلال مونتاج متوازى بين مصر والخليج وما يعكسه المجتمعان من عادات أصيلة أو مستحدثة ، إيجابية أو سلبية ، خاصة بعد فترة الانفتاح الاستهلاكى فى مصر فى السبعينيات وما أدى إلية من انقلابات اقتصادية هزت البنية القيمية للمجتمع المصرى من خلال استغلال شرائح جديدة فى المجتمع للانفتاح على دول الخليج وأثر ذلك على قيم المجتمع.
رواية فاتنة لكاتب من الوزن الثقيل ، أضاف عبر رواياته المتتالية فى زمن قصير نسبيا زخما قويا للأدب المصرى والعربى ، ما استحق عنه جائزة البوكر العربية ثم رشح لنيلها مرات أخرى.
الجدير بالذكر أن ناصر عراق خريج كلية الفنون الجميلة قسم التصوير فى الثمانينيات، ونلاحظ وجودا قويا لتجربته وخبراته فى الكلية فى بعض أحداث الرواية، وقد اتجه مبكرا إلى الصحافة ومنها إلى الصحافة الثقافية ومن ثم إلى أدب الرواية.
وبالرغم من أنه أهدى روايته لى منذ تسع سنوات فإننى لم أقرأها إلا اليوم بسبب طولها المفرط ، فكنت أفضل قراءة روايات أخرى من تأليفه أصغر حجما، وهى جميعا لا تقل إمتاعا وروعة عن نساء القاهرة / دبى. حتى آن الأوان والوقت لقراءتها.
كل التمنيات القلبية لصديقى الغالى ناصر عراق بمزيد من النجاح والتفوق ، ونهنئ به أنفسنا كأديب قومى ذى نفس طويل يثرى الرواية العربية ويحقق لها قفزة نوعية ملموسة إلى الأمام.
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏ناصر عراق نساء القاهرة دبي رواية الدا المصرية اللبنانية‏'‏‏
مقالات اخري

دييغو ريفيرا (1886 – 1957)

   هذا الفنان بتكوينه الجسدى الكاريكاتيرى والمثير للسخرية..كان ساحر قلب حبيبته الفنانة الرقيقة فريدا كالهو التى لم يخلص لها قط رغم زواجه بها مرتين من

اقرأ المزيد »

يقولون إن العالم يحتاج إلى ثورة تقودها إمرأة.. جيد..لنحاول إذًا في ثورة صغيرة تمزيق الشر ونثره على الطرقات يتسول الخير من أربابه لعله ينجو.. لننثر

اقرأ المزيد »