همس الحيطان - الفنان الكبير والناقد الألمعي عز الدين نجيب

همس الحيطان – الفنان الكبير والناقد الألمعي عز الدين نجيب

بقلم:د. محسن عطيه

عندما يتمكن من موهبته يستطيع أن يتخذ مما يشاهده من مناظر وموضوعات عادية محورا لأعماله، ليفجرمن خلالها طاقاته الابداعية، ويحول بلمسات فرشاته الساحرة موضوع الرسم إلى صورة مدهشة، وقد افسح مجالا فسيحا لكى يتدفق خياله وتنهمرموهبته. فيرسم بخياله وبملكته الروحية لتتحول حدوسه الباطنية إلى أشكال وصور تتجاوزالواقع المرئى، لتعبرعن ذاته وعن مشاعره واستبصاراته.

وإذا كانت وظيفة الأضواء والظلال فى مجال الرسم أن توحى بالتجسيم وبالعمق الفراغى، أى أن تمنح الأشكال هيئتها ثلاثية الأبعاد فى الفراغ، فإن بوسع هذه الأضواء والظلال كذلك، أن تعبرعن معان ودلالات نفسية متباينة، بين فرح و حزن، أو عنف وهدوء، أو دفء أو برودة. أما التباينات الظلية فى لوحات الفنان”عز الدين نجيب” بعنوان “همس الحيطان”(2005) فترسم إحساساً نورانياً وأسطورياً. فقد تغلغلت الظلال فى الفجوات، وتسلل النورعبرالمدرجات، ليشيع تأثيراً مبهما، مثلما يقوى الإحساس بالهيبة والجلال. وفى هذه اللوحات قد اقتحم النور الأجزاء المظلمة عبرالنوافذ والأبواب، ليلمس الجدران لمساً رقيقاً، ويلتقى بالظلام. وأثناء اللقاء يلعب ذلك المجاز دوره، فيستقطب المرئى لحالة ذهنية، وهو ما يسمح للمتلقى باستنطاق الصورة والتحاورمعها. وكأن المجازهكذا يساهم فى توسيع مجال المرئى، وفى إضفاء صورة جديدة علية. ويتحررالعقل الحالم من قيد الجسد وهو ينفذ عبرالأبواب النوافذ، تلك التى تستحضر فكرة التأمل فى النفس أو فى الشعور، وتسمح بالتطلع نحو العام الخارجى. ومن المحتمل أن الفنان يقصد هنا أن يرسم مجازا لروحه الخلاقة، بل لبصيرته وهى تنفذ عبر المجهول. وبهذه الطريقة يستطيع أن يغلف كل ماهو عادى أو واقعى ومألوف بغلاف من الصوفية الرمزية والحدس. وهذا هو سبيل الفنان لاستخلاص المعنى الوجودى للمنظر، بالإضافة إلى التعبيرعن إحساسه، بتشكيلات درامية، مستقلة عن الطبيعة وعن الوجود الزمانى والمكانى، طالما أن وظيفة الفن عنده هى تمثيل العالم الروحى، أكثرمن تمثيل المرئى. وقد يستدعى الأمر إخفاء بعض التفاصيل كطريقة لتنشيط الخيال، وتقوية التأثيرالدرامى والعاطفى للصورة.

فيس بوك 23 يناير 2022